المعلم بين اليوم والأمس مع طلابنا
ليس سهلا أن تكون معلما في صف أو عضوا في هيئة تعليمية في عصر تفجر المعلومات وثورة التكنولوجيا .
فلم يعد المعلم مصدرا للمعرفة كما كان في عصر مضى ، وبعدت المسافة بينه وبين تلاميذه ، إلا أن هناك أمورا كثيرة لها دور مهم في حدوث هذه الفجوة تتمثل في إمكانيات مدارسنا في زمن تفجر المعلومات باتت بدائية لا ترضي عقول طلبتنا الذين انفتحوا على العالم ، والتعليم فيها مازال يمارس بطرائق بدائية تعتمد السبورة العادية والطباشير والتعليم النظري حتى في المواد العلمية ، وكذلك الجلوس في مقاعد غير مريحة مع عدد كبير في الصف الواحد يصعب السيطرة عليه في حين أصبح لكل متعلم في دول العالم جهازه الحاسوبي يقف خلفه ويتعلم بواسطته والمعلم موجه له ، المناهج القديمة لا علاقة لها بواقع الطلاب سواء في اللغة العربية أو غيرها من المواد التي تعتمد على التلقين دون أدنى محاولة من المعلم في تحديث طريقة تناولها ونقلهم لتأمين لقمة العيش ، ونظام امتحانات يعتمد على الدرجات من خلال الحفظ لنيل أعلى وأفضل مكانة بالجامعات ...
مع أن المعلم هو شخصية رائعة ويمكن تواجدها في كل مكان في الحياة و تواجده لا يقتصر على إعطاء الدرس !! بل يشعرك بالأبوة أو الأمومة والاحتواء ويسعده أن يكون تفاعليًا فيه كل شيء يخص الطالب ويخص تطوره الذهني والاجتماعي والنفسي وووووو .... وهو من يترك بصمة حقيقة في قلوب طلابه أو طالباتها ...
فهو ليس مدرس عادي يصنع جدار قاسي بينه وبين طلابه وبينه وبينهم المادة فقط وبكل جمود يحفظ ما هو موجود ويأتي في الغد ليعطيه للطلاب بكل جمووود ويرحل .. وسوف يرحل للأبد ولن يكون له تأثير قطعياً على الطالب بشكل إيجابي وإنما ممكن أن يكون له كل التأثير السلبي .. للأسف ...
يجب علينا أن لا ننسى أعظم معلم للبشرية على وجه الأرض رسولنا وحبيبنا النبي الكريم سيدنا " محمد " عليه أفضل صلاه وأزكى السلام ...
وعلينا أن نساعد الطالب على أن يتعلم فالتعليم يتم في مكان محدد وفي زمن محدد وفق مناهج محددة مثل(التعليم في المدارس) ، أما التعلم فليس له مكان محدد ويتم في أي وقت ولا يوجد لديه منهج محدد مثل تعلم السباحة ، فالتعلم اشمل من التعليم وعلينا توجيه طلابنا له لمواكبة عصرنا .
نستطيع أن ننكر جهود المعلم المبذولة في تمكين الطلاب من مبادئ القراءة والكتابة وفي مساعدتهم على تخطي العقبة الأولى في تعلمهم .
وهنا لا ننسى الفجوة بين كلا من :
بين النظرية والتطبيق :
هي التفاوت الكبير بين ما يسمعه الطالب المعلم في الكلية من نظريات تربوية مثالية وبين ما يجده في المدرسة مثل:
- عدم اهتمام طرق التدريس بنشاط الطالب.
- اهتمام طرق التدريس بنشاط المعلم.
- عدم إرشاد الطلاب باللين والنصيحة.
يحتاج الطالب المعلم عند بدء تدريبه في المدرسة إلى مواد تعليمية متنوعة ، كالكتب الدراسية ، وكتاب المعلم ، والوسائل المختلفة ، والأجهزة التعليمية التقنية التي تستخدم في التدريس ، ويواجه الطالب المعلم عند بداية تدريبه مشكلة الحصول إلى هذه الأشياء الضرورية، بل ومعرفة مصادر الحصول عليها.
والحل الأمثل لمثل هذه المشكلة هو استشارة مشرف التدريب ، ومدير المدرسة لتوجيهه الصحيح ؛ لكن يا ترى هل يتم توجيهه في الوقت المناسب لتوفير جهده ووقته ؟؟؟ ، و مشكلة التدريس في وجود زائر مشكلة عامة للمعلم المبتدئ والمخضرم ، إلا أنها تكون أكثر حدة في حالة المعلم حديث العهد بالتدريس ، فيجب علينا مساعدته لنجد معلم ينهض بتعليم أجيال المستقبل .
حتى لا نجد فجوة الإعجاب بين الطالب والمعلم :
ظاهرة الإعجاب بصورتها الطبيعية ، ظاهرة عرفتها البشرية جمعا ،ولا أحد ينكر أن للموضوع ايجابيات كبيرة
، فهو يولد الاحترام المتبادل كأبسط مثال ؛ لكننا هنا نقصد : الإعجاب... الذي يجعل الطالب أعمى إلا لذلك المعلم... لا يرى شيئا إلا هو ..! ولا يستمع كلام أحد إلا هو..! حتى يتم تعليمه على الوجه الصحيح حيث يرى المعلم المثالي ؛ ولكن هذا بعيد تمام عما هو ظاهر هذه الأيام الإعجاب الأعمى غير الطبيعي بالأشخاص له بعد خطير آخر ، وهو أن الطالب سيعجب بشخصية المعلم من حيث هندامه وأناقته وأسلوب كلامه وغير ذلك ... ولا يضع في اعتباره أن هذه الأشياء وغيرها هي مظاهر يمكن أن تزول وتختفي في أي لحظة ، و ما يستحق الإعجاب هو السلوكيات الحسنة والتصرفات المثالية وليس المظاهر البراقة ...
ولمواجهة ذلك علينا إتباع نقطتين :
الأولى: تبدأ من المعلم من حيث إيمانه بالرسالة التربوية التي يؤديها, حينها يسرع إلى تطوير ذاته فينمي ثروته المعرفية ليغدو بين تلاميذه مصدرا للمعرفة وليس مجرد ملقن لها, ويسرع إلى التواصل معهم من خلال الحوار والاقتراب من واقعهم وملامسة انفعالاتهم, وهناك معلمون كثر في الميدان أثبتوا وجودهم في أداء رسالتهم التعليمية والتربوية.
والنقطة الثانية: تنطلق من وزارة التربية لإعادة تأهيل المعلم بأحدث الطرائق التعليمية والنظريات الحديثة التي تعتمد التعليم التعاوني والتواصلي, وهذا يتطلب دورات تدريبية للمعلمين يتم من خلالها تدريبهم على كيفية إدخال المفاهيم الحديثة من خلال المادة العلمية الموجودة بين أيديهم ويتطلب أيضا اجتماعات دورية للهيئة التعليمية في كل حي أو مجمع تعليمي تناقش فيها ضرورات تحديث التعليم والتواصل مع الطلاب, كما يتطلب إعادة تأهيل المعلم تربويا ضمن خطة مدروسة من قبل وزارة التربية وهي الآن في طور التنفيذ.